هل فكرت يوما ما في أن تكون مجبرا علي الجلوس بالمنزل لأنك لا تستطيع الخروج والتنقل خارج المنزل؟!! هذا بالفعل ما يحدث مع الأشخاص المعاقين حركيا في مجتمعنا, فبعد أن تحدثت مع بعض هؤلاء الأشخاص قررت الاقتراب أكثر من معاناتهم وجلست علي كرسي متحرك لمدة يوم. دعوني أروي لكم ما حدث في يوم علي كرسي متحرك ببعض المواصلات العامة بالقاهرة.
خرجت يوم الخميس الساعة الثانية عشرة إلا ربعا من البيت في شارع سعيد بالظاهر بالكرسي المتحرك توقفت أمام الرصيف وارتفاعه الذي يصل لأكثر من 30سم الذي يجب اجتيازه للبدء في رحلة البحث عن مواصلات, وحينما شاهدتني سيدة ترتدي نقابا ومعها طفلها الصغير في الشارع وأنا أعاني بالكرسي للنزول من علي الرصيف بادرت مسرعة قائلة: أساعدك يا بنتي تنزلي.. ربنا يشفيكي ويشيل عنك كربك وتركت ابنها جانبا وحملت الكرسي من الأمام للنزول من علي الرصيف.
بدأت أتحرك بالكرسي في الشارع وهذا الأمر لم يكن بالهين فهناك صعوبة في تحريك الكرسي علي الأرض لأنها غير ممهدة وهناك تكسير شديد في الأرض وكنت أخشي علي الكرسي من التحطم خاصة وأن شراء كرسي جديد أمر مكلف فسعره لا يقل علي 700 جنيه في المتوسط, كانت الوسيلة الوحيدة في هذا المكان التي من الممكن ركوبها هي التاكسي, أول تاكسي أشير إليه نظر إلي الكرسي المتحرك وقال بشيء من اللامبالاة لا.. العربية ضيقة مش هتكفي!
مر أكثر من تاكسي كان الرفض هو ردهم إلي أن توقف لي تاكسي وقام بحمل الكرسي ووضعه علي شبكة السيارة وربطه بشكل محكم. ثم تحدثت معه أثناء الطريق عن أسباب عدم وقوف أي تاكسي لي, وعن سيارات المعاقين, قال: أصل دلوقتي الساعة 12 وصعب حد يقف لك في الزحمة. ممكن فعلا عربية المعاقين تكون كويسة بالنسبة لك أنا سمعت إنها بتبقي سعرها مخفض 20 ألف جنيه عن العربيات العادية, وأجهزة التحكم والقيادة فيها بتكون باليد فقط, هتكون أفضل لأنه صعب تركبي المترو أو الأتوبيس, هو ده الحل الوحيد مفيش غيره..!! أنا أعرف ناس اشتروها.
ونزلت من التاكسي في محاولة لركوب المترو محطة الأوبرا وتوقفت أمام السلم وبعد دقائق أتي إلي ثلاثة من الشباب ورجل كبير في السن وعرضوا علي المساعدة في نزول السلم الطويل فوافقت ولكن كنت متخوفة من صعوبة حمل الكرسي علي السلم, فكان ردهم ماتخافيش ووجدتهم يتحدثون سويا كيف يحملون الكرسي دون أن يأخذوا رأيي في شيء.
وبعد نزول السلم أدركت استحالة استكمال ركوب المترو بهذا الشكل ففي كل خطوة أحتاج ثلاثة أو أربعة أشخاص يحملونني بالكرسي فقررت العودة مرة أخري للصعود ولكني توقفت أيضا أمام السلم الطويل وهنا اقترح علي أحد الشباب أن أرتاد الأسانسير الموجود بالمحطة وهو مخصص لذوي الاحتياجات الخاصة وذهب ليسأل عن مكان الأسانسير الأسانسير موجود بمحطات قليلة في الخط الثاني للمترو فقط وفي هذه الأثناء عرضت علي سيدة في الثلاثينيات المساعدة في صعود السلم ولكني كنت أعتقد أنني سأذهب إلي الأسانسير فشكرتها علي مبادرتها وقلت سأستخدم الأسانسير لكني وجدت الرد الأسانسير معطل فقام الأشخاص الخارجون من محطة المترو اثنان من العساكر ورجل في الخمسينيات من عمره بعرض المساعدة علي بأن يقوموا بحملي لطلوع السلم, وقبل أن أومئ إليهم بالموافقة كان رد فعلهم أسرع فقاموا بحملي بالكرسي قبل أن أوافقهم الرأي وحينما بدا علي الضيق بسبب ذلك قال لي الرجل الذي في عمر الخمسين الذي كان يساعد معهم ماتضايقيش نفسك يا بنتي, هتعملي إيه قضاء ربنا ماتزعليش نفسك أصل مفيس حل تاني..!!.
خرجت للشارع مرة أخري وكان علي أن أجتاز شارع التحرير للعبور إلي الجهة الأخري فكانت مشكلة جديدة وهي أن هناك حاجزا بين الاتجاهين مرتفعا لا أستطيع بمفردي تحريك الكرسي وعبوره, فانتظرت مساعدة المارة واضطروا أيضا لحمل الكرسي. وحينما وقفت في انتظار أي وسيلة مواصلات لم يقف لي أتوبيس فأصبح لا يوجد أمامي سوي البديل المكلف جدا وهو التاكسي, ورغم ذلك بعض سائقي التاكسي كانوا ينظرون إلي الكرسي ويشيرون بأيديهم بالرفض, ثم وقف تاكسي وركبت ثم وصلت به إلي موقف الأتوبيسات في عبدالمنعم رياض - التحرير - في الساعة الواحدة والنصف ظهرا, وما إن وصلت أمام أحد أتوبيسات النقل العام رقم 109 المتجه إلي إمبابة حتي احتجت للمساعدة لدفع الكرسي للأمام وسط الزحام, ووجدت درجات السلم مرتفعة والباب الأمامي به عمود حديدي في المنتصف يصعب معه مرور الكرسي فكان البديل استخدام الباب الخلفي وكانت هناك مشقة أخري فأنا أنتظر مبادرة الآخرين لمساعدتي, بالفعل بادر أحد الرجال في الأربعين من عمره يقف إلي جوار الأتوبيس وقام بدعوة آخرين من داخل الأتوبيس لمساعدته في حمل الكرسي منهم رجل يرتدي جلباب, وكانت هناك صعوبة لأن الباب لا يحتمل حجم الكرسي بالإضافة إلي الأشخاص الحاملين للكرسي.. وبعد أن قاموا بإدخالي إلي الأتوبيس وجدت أنه لا يوجد مكان بداخله للكرسي فقررت النزول مرة أخري وللأسف بنفس الطريقة, لكن النزول كان أسوأ بكثير فلقد شعرت أنني سأقع حتما لارتفاع درجات سلم الأتوبيس.. وكان من يحملون الكرسي يقولون ماتخافيش مفيش حاجة مش هتقعي وكان الحل الوحيد هو أن أغمض عيني في انتظار ما قد يحدث فليس بإمكاني شئ آخر لأفعله فأنا مضطرة لذلك!!!
وبعدها شعرت بأنني نجوت من إصابة محققة بسبب حملي بالكرسي بهذه الطريقة وعلي درجات الأتوبيس المرتفعة.. وقررت العودة بعد أن وجدت أنه لا أمل في وجود وسيلة مواصلات جيدة بالنسبة لي وأنا علي كرسي متحرك. فلا بديل لي إلا الجلوس بالمنزل لحين تغيير هذا الواقع الأليم الذي لا نعرف متي سيتغير؟!
دخول
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المواضيع الأخيرة
احصائيات
أعضاؤنا قدموا 312 مساهمة في هذا المنتدى في 245 موضوع
هذا المنتدى يتوفر على 99 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو يوسف فمرحباً به.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 2 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 2 زائر
لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 43 بتاريخ الأربعاء أغسطس 09, 2017 3:43 am
الجمعية الاقليمية للكشافة الجوية باسوان على الفيس بوك
مؤمن كمال- عدد المساهمات : 109
تاريخ التسجيل : 02/01/2010
العمر : 34
الموقع : الجمعية الاقليمية للكشافة الجوية باسوان على الفيس بوك
انا اشكرك على مواضيعك القيمةة الا ان مكانها ليس بهذه المدونة هناك اقسام بالمنتدى خاصة بها لان هذا الخسم خاص بتقارير وانشطة الكشافة بمصر.
الخميس فبراير 20, 2014 10:14 am من طرف hadhami
» رسالة للمئوية الكشفية العربية
السبت أغسطس 04, 2012 8:26 pm من طرف مراسل
» فيلم معاً للسلام
الإثنين يوليو 23, 2012 7:10 pm من طرف مراسل
» تطوير عمل قادة الوحدات الكشفية
الجمعة فبراير 03, 2012 5:19 am من طرف مراسل
» مخيم الدراسة المتقدمة بجدة
الخميس يناير 05, 2012 4:32 am من طرف مراسل
» مهرجان الاشبال الفصل الاول 1433هـ (جدة)
الإثنين ديسمبر 19, 2011 8:34 am من طرف مراسل
» تحت عنوان " الطريق حق للجميع "
الخميس ديسمبر 01, 2011 5:25 am من طرف ناهض زنون
» بداية جديدة بشكلنا الجديد scout media 1/1/1433
الجمعة نوفمبر 25, 2011 4:49 pm من طرف مراسل
» مجموعة الغد الكشفية تهنئ حجاج بيت الله الحرام
الأحد نوفمبر 20, 2011 5:02 am من طرف ناهض زنون